تقلبات الروح على بطحاء عرفات

إلهي جَنتْ نفسي بكلِّ جوارحي
وسوَّدتُ وجهي بارتكاب الفضائحِ



بعيدٌ عن المرضاة من شدّةِ الهوى
وإنّي من العصيان لستُ بنازحِ



يقاذفني بحرُ الشقاوةِ يمنةً
ويُسرى وإنّي غارقٌ في الفوادحِ



وقد زيّنَ الشيطان أعمال شقوتي
فصرتُ رهيناً بين أسوأِ طالحِ



وإنْ حاولتْ نفسي الهروب من الشقا
أراني من اللذات ماكان سافحي



فمالت لها نفسي وعند اقترافها
تندمت لكن نادمٌ غير كادحِ



فوا سؤتي لم أقهر الخبث مرةً
ويا أسفي ضعف الغريمة ذابحي



أتيت والظهر انحنى غيرُ قادرٍ
ينوءُ بأثقالٍ فللن جوانحي



وألقيتُ روحي فوق أرضِكَ عافراً
على عرفاتٍ قد بثثتُ نوائحي



على عرفاتٍ كلن للروح هنرةً
وكان لها للفكرِ عهد تصالح



أقلبُ فيها بالكفوف مكفكفاً
دموعي فدمعي ناطق بالصفائح



وليس لساني قد تمكن ناطقاً
أيمكنه نطقاً بذكرِ القبائحِ



وإِنِّي بوادي الأعتراف تقدَّست
جوانبه هل ألقي فيه رواشحي



وقد واصل المسال اعترافه
فما الخدُّ يكفي أن يضمَّ قوادحي



فواصل فوق الأرض يكتب ذنبهُ
وقد شهدت قولي عظامُ الأباطحِ



فيا عرفات الطهر هل تعرفينني
بيومٍ يكون العبدُ بين صوائحِ



إذا اجتمعت عند المليك عبادهُ
وفوق رؤوس الناس غليُ اللوافحِ



فلا أدري في أي الفريقين حالتي
وأني لباب النار أولُ فاتحِ



ولكنَّ عفو الله مازال مطمعي
ولستُ على اليأسِ المقيت بجانحِ



فعفوكَ يا الله عمَّا أتيتهُ
ورحماك يا ربي بيوم التصايحِ



فيا ربي لقنِّي عزيمةَ يوسفٍ
وهدِّي فؤادي لامساً للدوائحِ



دوائحكَ العظمى التي أن لمستها
أرى كلَّ شيءٍ دونها غير لاقحِ



فقربك يا ربِّ منىً لا يمسهُ
سوى من تحلَّى في رداء التسامحِ



سوى من تخلَّى عن ميولٍ دنيئةٍ
وداس على الأهواء دوسةَ كابحِ



فوالله لن يلقى المذلة بعدها
وهل بعد نيل العزِّ صفقةُ رابحِ



منقول للأمانة