السّعوديّة تدخل في مغامرة غير محسوبة.

من وصفوا دفاع المقاومة الإسلاميّة عن لبنان في حرب تمّوز بالمغامرة غير محسوبة النّتائج، يخوضون مغامرتهم غير المحسوبة الآن..
لكن ليس ضدّ إسرائيل، بل ضدّ الشّيعة في اليمن!!
وبهذا التّورّط - الّذي يضع السّعوديّة في معركتها هذه في موقف «إمّا قاتل أو مقتول» – ومع بداية سقوط الضّحايا «المعلن» هناك، تصبح المسألة فعلاً في منتهى الخطورة وغير واضحة في نتائجها وإن كانت دوافعها غير خافية على أحد!
والأسوأ من هذا هو السّؤال: هل فعلاً كانت السّعوديّة مضطرّة إلى التوّرط في معركة من هذا النّوع ضدّ عصابات مسلّحة - إلاّ باعتقادها - أثبت التّاريخ والجغرافيا والمنطق أنّ هزيمتها ضرب من المستحيل؟؟!!
فلا الحوثيّون الشّيعة براغبين بأن يضيفوا إلى أعدائهم عدوّاً جديداً، ولا من مصلحة الحكومة اليمنيّة أن يكون هناك أيّ تدخّل خارجي في معاركها الدّاخليّة ضدّ الحوثيّين، وليس من مصلحة الجيش السّعودي أيضاً أن يخوض باسم الشّعب، قتالاً في زمان ومكان غير مقنعين، وضدّ عدوّ غير مقنع بعدائه، ولأسباب غير مقنعة أيضاً..
فمن المعروف أنّ أساس اندلاع الحرب اليمنيّة الّتي تدور رحاها في اليمن للمرّة الثّالثة، هو حرمان المواطنين الشّيعة من حقوقهم المشروعة، والتّعامل معهم كأقلّيّات، وبأسلوب أقلّ مايوصف به أنّه عنصريّ ومذهبيّ..
وكان الوقت الّذي سبق المعركة الأخيرة، كفيلاً بأن يقرع أجراس الإنذار ويعطي الحكومة اليمنيّة فرصة حلّ المشكلة بما يرضي جميع الأطراف وبالحوار وحده..
فالحكمة تقول: إنّه إذا كان المرء في مقابل مجموعة خسائر وعليه أن يختار واحدة منها، فالأفضل لكلّ عاقل أن يؤثر لنفسه الخسارة الأقلّ فداحة!
وأقلّ الخسائر فداحةً بالنّسبة للحكومة الّتي تتحكّم فيها الطّائفيّة والمذهبيّة هو أن تساوي بين مواطنيها وتعطي الحقوق لأصحابها.
أمّا الحرب المستعرة هناك، فلا أحد يمكنه أن يتنبّأ بحجم الخسائر الّتي ستشفر عنها، وليس مستبعداً خلالها أو أثناءها أو بعدها انهيار النّظام اليمنيّ برمّته، بعد أن آثر الحرب على الحوار مع شعبه، وهو يعد بانتصار مدوٍّ، تختصره الرّغبة اليمنيّة بـ «تطهير» البلاد من الشّيعة!
نعم، الشّعب اليمني لن يلبث أن يسأل: لماذا حدث هذا؟؟ والتّجربة اللّبنانيّة ماثلة!!
وسوف يلقّب كلّ المتورّطين بالحرب اليوم بأمراء الحرب، ويفقدون احترامهم في الذّهن الإنساني على مدى التّاريخ.
هذا كلّه في اليمن، فما دخل السّعوديّة بما يجري هناك؟؟!!
من أصغى إلى كلام وزير الخارجيّة السّعودي في تمّوز 2006 يوم كان العالم كلّه يصبّ حمم حقده الأسود على شعب لبنان المقاوم، يتصوّر أنّ الحكومة السّعوديّة ترفض الحرب، حتّى ولو كانت دفاعاً عن النّفس!
ألم ينتقدوا المقاومة لأنّها وقفت في وجه العدوّ الصّهيوني وردّت عليه وحقّقت للعرب جميعاً انتصاراً عظيماً وغير متوقّع؟؟
ألم يقيسوا النّصر بعدد شهدائنا وعدد قتلى الصّهاينة؟ ومدى الدّمار الّذي حلّ بلبنان ومدى الدّمار الّذي حلّ بالبنى التّحتيّة الصّهيونيّة؟؟
ألم يعظوا اللّبنانيّين ويقترحوا عليهم بالاستسلام منذ الأيّام الأولى للعدوان تحت ذريعة: «العين لاتقاوم المخرز!»؟؟؟
إن كان هذا هو الموقف السّعوديّ المعلن نحو العدوّ الصّهيوني، فما الّذي تغيّر اليوم؟
ومن هو العدوّ الحقيقي للحكومة السّعوديّة؟؟
إسرائيل؟ أم إيران؟
أم إنّهم الشّيعة الّذين قرّرت الوهابيّة تكفيرهم منذ البداية، وجعلت دمهم ومالهم وأعراضهم حلالاً في حلال؟؟؟
والسّؤال الأخير: هل تكون حرب اليمن في حقيقتها، ليست إلاّ حرباً بين الوهابيّة والشّيعة؟؟؟