إنّ استثناء إسرائيل من الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وعدم نزع سلاحها النووي وسياسة غض الطرف التي تمارسها الدول الغربية والوكالة الدولية للطاقة الذرية يعني – عمليا – السماح لها بالتفوق الاستراتيجي على العرب، وإطلاق يدها للهيمنة على المنطقة كلها، وإبقاء العالم العربي تحت رحمة التهديد الإسرائيلي المستمر. والشيء الملفت للانتباه أنّ الإدارة الأمريكية، التي تضغط على الدول العربية لمنعها من امتلاك أية إمكانية نووية، تجهد نفسها لتبرير عدم توقيع إسرائيل على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وبالتالي عدم إتلاف مخزونها من هذه الأسلحة.
وهكذا، غدت الصورة واضحة تماما، فالأسلحة النووية الإسرائيلية، الموجودة الآن، والتي تهدد أمن المنطقة واستقرارها، ينبغي أن تبقى، بينما مطلوب من العرب أن يتعهدوا – علنا – بعدم امتلاك مثل هذا النوع من الأسلحة..
إنّ التهديد النووي الإسرائيلي ينبغي أن يوضع في سياق مجمل التطورات، التي عاشتها المنطقة العربية منذ حرب تحرير الكويت في العام 1991 إلى اليوم، فهو ليس إلا نتاج طبيعي للسياسات العربية الخاطئة، التي يتجلى اليوم عدم صوابها في هذا المأزق الذي يوجد فيه صانعو السياسات في العالم العربي. فوجود التفوق العسكري الإسرائيلي الفعلي شيء والاعتراف به وتكريسه في التعامل الدولي شيء آخر تماما، فلو قبل العرب بتطبيق معيار مزدوج للأمن يبيح لإسرائيل ما لا يبيحه لغيرها، لأصبح عليهم أن يوقّعوا على صك خضوعهم الطوعي لإسرائيل وتسليمهم لها بكل السيادة والهيمنة في منطقة الشرق الأوسط.
إنّ الاتفاقات الإقليمية نحو الشراكات، التي من شأنها بلوغ مرحلة النضج في المستقبل غير البعيد، تفرض إعادة النظر في هذه السياسة وفي تناقضاتها الداخلية. إذ يجب تفعيل التوجه العربي نحو المجتمع الدولي من أجل شرق أوسط يستطيع إجبار إسرائيل على فتح منشآتها النووية أمام وكالة الطاقة الذرية، والانخراط الجدي في عملية سلام عربي – إسرائيلي، يقوم على أسس الحق والعدل والتوازن وعودة الأراضي العربية المحتلة إلى أصحابها في الاردن وفلسطين وسورية ولبنان , وامام هذا المشهد الغريب فان هناك دول عديدة في الشرق الاوسط بالاضافة الى جماعات متطرفة ستسعى الى امتلاك مثل هذا النوع من السلاح الفتاك ..