البرنامج النووي الإسرائيلي .... مسوغات " الغموض الإيجابي" تتآكل
مع إفراج السلطات الإسرائيلية عن مردخاي فعنونو خبير الذرة الذي قضى ثمانية عشر عاما في السجن بعد إدانته بالكشف عن أسرار البرنامج النووي الإسرائيلي، تجدد الجدل داخل إسرائيل وخارجها حول مستقبل هذا البرنامج. في إسرائيل برزت العديد من الأصوات الداعية إلى إعادة تقييم سياسة " الغموض الايجابي"، التي اتبعتها الدولة العبرية إزاء برنامجها النووي منذ أواسط الستينيات من القرن الماضي وحتى الآن، وهي السياسة القائمة على رفض دوائر صنع القرار في الدولة العبرية الإقرار بشكل رسمي بامتلاك ترسانة نووية، لكن في نفس الوقت إعطاء كل المؤشرات غير المباشرة على وجود مثل هذه الترسانة. وتهدف إسرائيل من وراء هذه السياسة مراكمة عامل الردع في مواجهة الدول العربية، وردعها عن مجرد التفكير بأنه من الممكن القضاء على دولة إسرئيل. ونحن هنا بصدد مناقشة مستقبل سياسة " الغموض الايجابي"، في ضوء المتغيرات الدولية والإقليمية وبالاستناد إلى جملة الحسابات التي دفعت الدولة العبرية الى اتباع هذه السياسة.
حتى قبل مبادرة فعنونو بالكشف عن أسرار البرنامج النووي الإسرائيلي، فقد كان العالم بأسره لا يعي فقط أن إسرائيل دولة نووية ، بل أن هناك تقديرات بأن حجم الترسانة النووية في الدولة العبرية يؤهلها لاحتلال المكانة السادسة في ترتيب الدول التي تملك ترسانات نووية كبيرة. وحسب التقارير التي قدمتها وكالة الاستخبارات الامريكية " سي أي ايه"، فأن إسرائيل تملك حوالي 400 رأس نووي، فضلاً عن نجاح الدولة العبرية في تطوير قنابل هيدروجينة. وحسب صحيفة " هارتس " الاسرائيلية فأن الدولة العبرية قد طورت صواريخ تحمل رؤوس نووية قادرة على ضرب أي بقعة في العالم. العام الماضي حدث تطور هام على البرنامج النووي الإسرائيلي عندما تم مد سلاح البحرية بغواصات مزودة بصواريخ تحمل رؤوس نووية، وفسر هذا التطور في حينه على أنه جاء من أجل تمكين إسرائيل من ضرب الدولة العربية والإسلامية البعيدة جغرافيا عن الدولة العبرية، في حال مثلت هذه الدول خطراً على الدولة العبرية.
.