استكمالا للبحث قد يجدر المرور على الانعطافات التي مرت بها السياسة النووية الاسرائيلية، كما استنتجها الخبراء من التحولات التي طرأت على"لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية" ومن بعض الظواهر الأخرى تشكلت لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية عام 1952، في إطار وزارة الدفاع. وقد ضمت ستة علماء بمن فيهم الرئيس. البروفسور أرنست دافيد بيرغمان. المعروف بأنه من انصار - بن غوريون وقد مرت اللجنة، عام 1957 بأزمة كبيرة. أدت إالى استقالة أعضائها جميعهم باستثناء رئيسها. وبعد ثلاث سنوات. انكشف أمر مفاعل ديمونا وبرز في الجدل الذي ثار عقب هذا الكشف، اثنان من العلماء المشتغلين في نشاطات"لجنة تجريد المنطقة من السلاح النووي" التي تأسست لمعارضة تطوير سلاح نووي في اسرائيل. وفي ضوء الخلاف الدائر آنذاك بين انصار التوجه"الفرنسي" (بن-غوريون، دايان، بيرس) وأنصار التوجه "الامريكي" في المؤسسة الأمنية استنتج الخبراء ان السبب في المشكلة لابد من أن يكون كامنا في القرارات التي اتخذت بخصوص مفاعل ديمونا، الذي تم بناؤه بمساعدة فرنسية. وقد كانت الولايات المتحده، في تلك الفترة. تصرعلى التفتيش على المفاعلات النووية التي تزود دولا أخرى بها للتأكد من عدم استخدامها للأغراض الحربية بينما كان الموقف الرسمي المعلن لفرنسا هو أن الرقابة على المنشآت النووية تمثل انتهاكا للسيادة القومية
وفي الفترة الممتده بين عامي 1964 و1966، أي بعد تولي ليفي اشكول لرئاسة الحكومة، تم التحول من فرنسا إلى الولايات المتحده بالنسبة للتعاون الأمني ومشتريات السلاح. وفي عام 1966، أعيد تشكيل لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية، فتولى اشكول رئاستها، وزيد عدد اعضائها إلى سبعة عشر عضوا، وسحبت من اشراف وزارة الدفاع ووضعت تحت اشراف رئيس الحكومة. وفي الوقت ذاته، استقال بيرغمان من رئاسة اللجنة وعضويتها. السنة نفسها وقعت الولايات المتحده على اتفاقية لبيع اسرائيل مباشرة سلاحا هجوميا لأول مرة(طائرات سكايهوك)، واعلنت عن استعدادها لدراسة إقامة مشروع نووي مشترك لتحلية مياه البحر. ورافق هذه التحولات انسحاب بن-غوريون وأنصاره من حزب مباي، وتشكيلهم لحزب رافي. واستمر بن-غوريون طوال عام 1966. في مهاجمة اشكول، واتهامه "بتقصير أمني" فادح. يعرض سلامة اسرائيل ومستقبلها للخطر. ولم يجد المراقبون تفسيرا مقنعا لمثل هذا الاتهام الخطير الغامض ألا في اطار الخلاف على السياسة النووية
وفي عام 1967، وفي الفترة التي سبقت حرب حزيران(يونيو)، فرض الجيش على ليفي اشكول تعيين موشي دايان وزيرا للدفاع. وفي عام 1970، تعرقل المشروع النووي الامريكي الرامي الى تحلية مياه البحر، وبدأت المخابرات الامريكيه بتسريب معلومات مفادها ان اسرائيل اختصرت المدة اللازمة لتجسيد خيارها النووي الى الصفر. وقد رأى المراقبون في هاتين الظاهرتين، وظواهر أخرى. علائم تدل على انعطاف آخر في السياسة النووية الاسرائيلية. باتجاه الغاء التجميد المعتقد ان اشكول فرضه على تطوير السلاح النووي. ويمكن ربط بداية هذا الانعطاف بالخبر الذي نشرته "التايم" والذي أشرنا اليه أعلاه بأن موشي دايان أعطى الأمر، بصفته وزيرا للدفاع، بأنشاء مرفق فصل البلوتونيوم عن الشوائب المرافقه له في عهد غولده مئيرالتي تولت رئاسة الحكومة بعد وفاة اشكول. ويمكننا أخيرا إضافة الموقف الاسرائيلي من معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية التي أقرتها اللأمم المتحده في عام 1968. واصبحت نافذة المفعول في عام 1970. فقد رفضت اسرائيل. كما كان متوقعا التوقيع على المعاهدة بحجة انها في وضع أمني لايسمح لها بذلك"بسبب تورطها في نزاع يتميز بسباق تسلح كبير لاضوابط له